من نصر أكتوبر إلى اليوم.. الجنوب يواصل ملحمة الوفاء لأمته

تقرير / درع الجنوب

 

جُبلنا على العزّة كما يُجبل الفجر على الضياء، وعلى الإباء كما يُولد النسر حرًّا فوق القمم، وعلى الوفاء الذي يسكن في وجدان كل جنوبيٍّ كما تسكن الروح في الجسد، فذلك هو طبعنا، وتلك هي هويتنا وارادتنا التي لا تشوبها الرياح مهما عصفت، ولا تنال منها الازمنة مهما امتدت.

لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشمّاء، لتشعل درب الحرية والتحرير في كل شبرٍ من أرض الجنوب.. وحينها وقفت جمهورية مصر العربية بقيادة الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر، سندًا وعونًا، تشاركنا الحلم وتغذّيه بالأمل والعزم، لتتجلّى أسمى معاني العروبة ووحدة المصير بين أبناء الأمة الواحدة.

سنواتٌ أربع من الكفاح المسلّح، والدماء الزكية التي روت تراب الوطن الجنوب، والأمّهات اللواتي ودّعن أبناءهن وهنّ يزغردن بدلًا من البكاء، حتى بزغ فجر الثلاثين من نوفمبر 1967م، يوم انكسر قيد الاستعمار، وارتفع علم الجنوب مرفرفًا في سماء العاصمة عدن.

ذلك النصر الجنوبي لم يكن حدثًا عاديا في تاريخ امتنا العربية بل كان ملحمة أملٍ عربية كُتبت بدماء الأبطال، وألهبت قلوب الأمة التي كانت تغص بنكسة يونيو.. لقد كان الجنوب يومها لسان العروبة الناطق بأن الأمة لا تموت، وأن النصر يولد من رحم الألم.

واليوم، وبعد عقودٍ من ذلك المجد الخالد والنصر المجيد، يجدد الجنوب عهده ووفائه، لأمته و الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في معركةٍ ليست معركته وحده، بل معركة كرامةٍ ومصيرٍ عربيٍ مشترك، ضد المشروع الايراني ومليشياته الحوثية الإرهابية وفي إطار معركته التحررية الثانية بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي.  

إن الوفاء الذي خطّه شعب الجنوب بالأمس بحبر الدم والتضحيات العظيمة، هو ذاته الذي يخطه اليوم في ميادين الشرف والبطولة لقواتنا المسلحة الجنوبية، بنفس الروح، وبذات العزيمة. فالعروبة في الجنوب ليست شعارًا، بل إيمانٌ مزروع في القلب، وسلوكٌ حيٌّ في الميدان.

نحن أبناء أكتوبر المجيد.. أبناء الكفاح والوفاء، نكتب اليوم فصلاً جديدًا من تاريخنا، لا بالحبر، بل بالفعل والموقف، وفاءً للأرض التي أنجبتنا، وللأمة التي ننتمي لها، وللأشقاء الذين يقفون معنا في خندق المصير الواحد.

فسلامٌ على أكتوبر وابطاله... وسلامٌ على الجنوب، وسلامٌ على كل من بقي وفيًّا للعهد، مؤمنًا بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الوفاء لا يُقال، بل يُفعل.