ثورة أكتوبر.. نضال متجدد وانتصار يتعاظم
في الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، نقف اليوم أمام محطة تاريخية خالدة في وجدان شعبنا الجنوبي الأبي، تلك الثورة التي لم تكن مجرد حدث عابر في سجل الزمن، بل كانت تحولاً جذرياً غيّر وجه الجنوب وأرسى معالم الحرية والكرامة والسيادة. لقد جسدت ثورة أكتوبر روح الإرادة الشعبية وملحمة التلاحم الجنوبي، وأثبتت أن الشعوب التي تصمم على التحرر لا يمكن لقوى الاستعمار أو الطغيان أن تنال منها مهما حاولت طمس هويتها أو مصادرة حقها في تقرير مصيرها.
إن ثورة أكتوبر التي ألهبت شوارع العاصمة عدن وكل الجنوب، وأسقطت أعتى قوة استعمارية ، لم تنتهِ بانتصارها العسكري والسياسي آنذاك، بل امتدت جذوتها لتسكن روح الأجيال، وتلهم مسيرة النضال الوطني التحرري الجنوبي حتى يومنا هذا. واليوم، ينهض الجنوب في ثورته الثانية، امتداداً أصيلاً لثورة أكتوبر، مؤكداً أن قرار الاستقلال لن يُنتزع إلا بيد شعبه وقواته المسلحة الجنوبية، وأن الكرامة والسيادة خط أحمر لا مساومة فيه.
لقد حاولت قوى الاحتلال اليمني منذ عقود أن تنال من ثورة أكتوبر بتزييف الحقائق وتزوير التاريخ عبر ما سُمّي بسياسة "اليمننة"، لكن شعبنا الجنوبي، بوعيه وصموده، أسقط تلك المخططات الخبيثة، وأعاد زمام المبادرة ليؤكد للعالم أجمع أن الجنوب أرض وهوية، تاريخ وحضارة، وأن قراره سيبقى بيد أبنائه.
وفي هذا السياق، تتجسد اليوم القيادة الحكيمة للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يقود بشجاعة واقتدار مسيرة استعادة الدولة الجنوبية، مرتكزاً على قوة شعبه وإرادة أبنائه وتضحيات قواته المسلحة الجنوبية التي سطّرت أروع البطولات في كل الجبهات من باب المندب غرباً حتى المهرة شرقاً.
إن الوفاء لقيم ثورة أكتوبر يتجلى اليوم في الاصطفاف الجنوبي خلف قيادته وقواته المسلحة، والتحلي باليقظة والحذر من سياسات قوى الاحتلال اليمني التي تحاول النيل من نسيجنا الجنوبي ووحدتنا الوطنية في وعينا الجمعي هو السلاح الأهم لإفشال مخططاتهم، واصرارنا على التحرير والاستقلال هو الضمانة الأكيدة لتحقيق تطلعات شعبنا.
كما إن الاستقلال الثاني للجنوب لم يعد حلماً مؤجلاً، بل حقيقة تتشكل ملامحها على الأرض. وضمانات تحقيقه واضحة وراسخة: قواتنا المسلحة الجنوبية الباسلة، وفاء قيادتنا، تلاحم شعبنا، واصطفافه خلف مشروعه الوطني التحرري. وهذه العودة الاكيدة لدولة الجنوب ستكون رافداً حضارياً وأميناً لعمقها العربي، كما كانت دوماً درعاً وسنداً لأمن واستقرار المنطقة.
ختاماً، ونحن نحيي ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة، فإن أعظم وفاء لأبطالها وشهدائها هو السير على خطاهم، والتمسك بقيم التلاحم والتضحية والصبر، حتى يتحقق الاستقلال الثاني الناجز وعودة دولتنا الجنوبية الحرة، التي ستظل منارة حرية وكرامة، وعمقاً صادقاً لحضارتنا وأمتنا العربية.