الرئيس الزبيدي.. من ميادين البارود إلى أروقة القرار الدولي
من ميادين النضال ومن اول أطواره قبل ثلاثين عاما، ومن عقود من المقاومة ومن قلب معارك التحرير التي صنعت التحول الجنوبي، يطل اليوم الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي في موقع مختلف، لكنه لا يقل صعوبة ولا أهمية عن جبهات النضال المسلح.. فمن ميادين البارود التي صمد فيها أكثر من ربع قرن وقاد تحولاتها، إلى أروقة الأمم المتحدة ومراكز القرار الدولي، يتجسد انتقال وطننا الجنوب من مرحلة الغياب والتغييب، إلى مرحلة الحضور الفاعل والاعتراف السياسي والدبلوماسي على المستوى العالمي.
إن مشاركة الرئيس الزبيدي في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة ليست حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل هي تتويج لمسيرة نضال طويلة قادها بكل حنكة وشجاعة، وتجسيد لإرادة شعب صمد ثلاثة عقود كاملة دفاعًا عن هويته وحقه في تقرير مصيره واستعادة دولته.
هذه المشاركة تحمل أبعادًا سياسية عميقة، حيث باتت قضية الجنوب اليوم جزءًا من الاهتمام الأممي، بعد أن كانت تُواجه بالتجاهل أو التهميش في مراحل سابقة نظرا لسياسة قوى الاحتلال التي عمدت على عزل الجنوب وقضيته عن المنظور الإقليمي والدولي.
لقد نجح الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، بما يمثله من شرعية نضالية وشعبية وزعيما مفوضا من قبل شعبه، في قيادة الجنوب وثورته التحررية و نقل صوت الجنوب من ميادين المقاومة إلى المحافل الدولية الى قاعات ومنابر مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبهذا الحضور الاستراتيجي، فإن الجنوب لم يعد مجرد مشروعا قابلا للانتقاص أو قضية مؤجلة، بل أصبح قضية تحرر وطني حاضرة على طاولة الاهتمام و الأجندة الدولية، ويحسب لها حساب في موازين السياسة الإقليمية والعالمية.
إن القيمة الحقيقية لخطوات الرئيس الزبيدي على الساحة الدولية تكمن في الجمع بين الصلابة النضالية والخبرة السياسية. فهو القائد الذي حمل البندقية في جبهات المقاومة و المواجهة على طول عقود، وهو نفسه الذي يحمل اليوم ملف القضية الوطنية الجنوبية إلى العالم بلغة الحق والدبلوماسية والشرعية الدولية. هذا التوازن بين الميدان والسياسة، بين التضحيات والمكتسبات، هو ما عزز ثقة شعبنا الجنوبي في قيادته الشجاعة والحكيمة، ويفرض احترام العالم لقضيته.
مشاركة الرئيس الزبيدي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد حضوره وخطابه التاريخي في مجلس الأمن العام الماضي، تعني أن الجنوب يسير بخطوات ثابتة نحو تثبيت وتحضير قضيته في أعلى المنابر الدولية، وأن التضحيات التي قدمها شعب الجنوب لم تذهب سدى، بل تُثمر اليوم حضورًا سياسيًا ودبلوماسيًا بحجم تضحيات الأبطال.. إنها شهادة جديدة على أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن من صمد في وجه البارود والحديد، قادر على أن يفرض قضيته العادلة في أروقة القرار الدولي.