يافع العصية على الانكسار ...!!

بقلم | مهيب الجحافي

 

على تخوم جبل العر، حيث تتعانق القمم بالعزة، وترتفع الهامات شموخًا لا يلين، يقف أبطال الجنوب كالجبال، يصنعون المجد بدمائهم، ويُلقّنون جحافل الفُرس الحوثية أقسى الدروس وأشدّ الضربات، في ملاحم بطولية سُطّرت بأحرف من نار وحديد، لتكون الأشد بأسًا والأكثر عظمة في سجل الكفاح الجنوبي.

لم تُدرك مليشيات الحوثي أن اقترابها من جبل العر سيكون بمثابة حفر قبرها بأيديها، فاندفعت بتهور وغرور، تحسب أنها أمام أرض رخوة، فإذا بها تصطدم بجدار فولاذي اسمه "يافع"، فتساقطت كالذباب، وتكبدت خسائر موجعة خلال أيام قليلة لا تتعدى أصابع اليد.

هذه هي مليشيات الحوثي، كعادتها، تهجم دون حساب، فتعود محمولة على النعوش، مثقلة بالهزائم. لا تتعلم من الماضي، ولا تفهم أن الجنوب ليس ساحة مستباحة، بل أرضًا صلبة، صلابة جبالها وبأس رجالها، أولئك الرجال الذين ما عرفوا الهزيمة ولا قبلوا بالذل، فكانوا لها درعًا منيعًا وسيفًا مصلتًا.

في يافع، حيث الكبرياء لا يُكسر، والثبات لا يُهتز، تتجلّى معاني الفداء والتضحية، وتُسطر القوات الجنوبية هناك أعظم صور الصمود، إذ تحولت جبهة العر إلى محرقة لمن تجرأ أن يطأ ترابها الطاهر، فاحترق فيها الغزاة كالأوراق اليابسة.

نعم، تهورت مليشيات الحوثي، فدفعت ثمن غطرستها باهظًا، حين اصطدمت بجنود الجنوب الأشدّاء، الذين لقنوها دروسًا لن تنساها، وجعلوا من جثث مقاتليها طعامًا للطيور والكلاب، ومن بقاياهم المتفحمة عبرة لمن تسوّل له نفسه الاقتراب من الجنوب. لم تجد المليشيا مكانًا تدفن فيه خسارتها، فامتلأت المستشفيات بجثثهم، وتعفّنت الأرواح قبل الأجساد، وكأن لسان حالهم يقول: "ما الذي جاء بنا إلى جحيم يافع؟"

هذه هي يافع، يا من لا تعرفون تضاريسها ولا رجالها. هنا يولد الأبطال من رحم النار، ولا يخرجون من معاركهم إلا مكللين بالنصر أو مدثرين بالخلود. فاسألوا عنها التاريخ، كيف سطّرت المجد، وشيدت الممالك، ورفعت الرايات، وغرست في جدران الزمن أسماءً لا تُمحى.

من سرو وحِمْيَر خرجت، ومن سلالة الملوك تنحدر، ومن أحفاد الأُسود تُقاتل، فكيف تُقهر؟!
إنها يافع، قلعة الجنوب الحصينة، وسور الكرامة الذي لا يُخترق.