في الذكرى الثامنة لتحرير ساحل حضرموت.. دور الفرق الهندسية للنخبة الحضرمية في نزع الألغام
تتقدم فرق نزع الألغام صفوف المعارك، لتأمين وفتح الطرق، والمداخل، والمنشآت، فهي أول من يواجه المخاطر والتحديات، وتمهد وتسهل للقوات البرية مهمتها، في التحرك والاشتباك، ولما كانت قوات النخبة الحضرمية في طور التأسيس والتدريب، وليس لديها فرق هندسية جاهزة، تم استقدام بعض من أهل الخبرات السابقة، في التعامل مع الألغام، من المقاومة الجنوبية، الذين خاضوا الحرب مع الحوثيين، وواجهوا المفخخات والألغام، واكتسبوا المعرفة في التعامل معها، فشكلت في قوات النخبة الحضرمية أول فرقة هندسية، خاصة بمواجهة الألغام والمفخخات، والأجسام المشبوهة، كان ذلك في المسيلة، حيث بدأوا فور وصولهم بتدريب شباب النخبة الحضرمية، ليسهل عليهم الانتشار بداية المعركة، وتغطية الطرق والمداخل المحددة، في خطة معركة التحرير، وكانت هذه الفرقة هي النواة لكيان الشعبة الهندسية العسكرية، بالمنطقة العسكرية الثانية.
تعد الشعبة الهندسية العسكرية من أهم مكونات النخبة الحضرمية، فهي من تواجه المخاطر مباشرة، وأرواح منتسبيها مهددة في كل خطوة، وبدون مواجهة عدو في الساحة، بل يواجهون عدوًا متسترًا بالتراب، أو متخفيًا بأشكال لا تتوقعها، فهم يبحثون عن أدوات الغدر القاتلة، فيبطلوا ويميتوا فعاليتها.
الفرق الهندسية تتقدم الصفوف لتحرير المكلا
في معركة تحرير ساحل حضرموت، انتزع أبطال الفرق الهندسية العسكرية وأبطلوا آلاف الألغام، والعبوات الناسفة، كانت معدة في طريق قوات النخبة الحضرمية وبعد التحرير قام جنودنا الأشاوس بإخراج وإبطال الآلاف من المتفجرات، من المطار والميناء والقصر ومبنى المحافظ والمدارس، ومن الخطوط الرئيسية، التي زرعها الإرهابيون لنشر الموت حتى بعد هروبهم.
من فريق متدرب من المقاومة الجنوبية إلى تشكيل الشعبة الهندسية بالمنطقة العسكرية الثانية
بعد تحرير ساحل حضرموت بذلت قيادة النخبة الحضرمية ممثلة باللواء الركن فرج البحسني وأخوانه الضباط جهودًا، لإعادة بناء كيان المنطقة العسكرية الثانية، من الصفر، وحين أُسندت الشعبة الهندسية العسكرية إلى العميد صالح هيثم محضار، أحدث نقلة نوعية، فقام بتدريب وتأهيل الكثير من الجنود من أبناء حضرموت، وأكسبهم المهارات في التعامل مع الألغام والعبوات الناسفة، والأجسام المشبوهة، والمتفجرات بشكل عام، في كيفية تفكيكها وإبطالها، وتخرجت على يديه عدة فرق هندسية، وتم توزيعها على مداخل حضرموت، وعلى عدة ألوية ومعسكرات، تتبع المنطقة العسكرية الثانية.
دور الشعبة الهندسية في تحرير وادي المسيني
في معركة "عملية الفيصل" لتحرير وادي المسيني، تقدمت الشعبة الهندسية العسكرية الصفوف كالعادة، وقامت بتفكيك أكثر من ألفي عبوة ولغم أرضي، زرعها الإرهابيون، لتفخيخ سبع طرق، مؤدية إلى أوكارهم، مما مهد الطريق لقوات النخبة الحضرمية، لتنفيذ "عملية الفيصل"، والقضاء على تنظيم القاعدة، في وادي المسيني، كما قامت فرق الشعبة الهندسية العسكرية، بعد انتهاء "عملية الفيصل"، برفع ما خلفه الإرهابيون من قذائف وذخائر ومتفجرات، وغيرها، الأمر الذي جنب المنطقة وسائل وأسباب الدمار، واستغرق تصفية المنطقة من هذه المتفجرات عدة شهور.
وفي تصريح لـ "درع الجنوب" أفاد رئيس الشعبة العميد صالح هيثم محضار، أن الفرق الهندسية طهرت مساحة مئتين وخمسين ألف متر مربع، في "وادي المسيني".. كل ذلك كان بدعمٍ سخي من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تكفلت بدعم قوات النخبة الحضرمية، في كافة المجالات، منذ إنشاء قوات النخبة الحضرمية، ومعركة تحرير ساحل حضرموت، حتى يومنا هذا.
ألغام في أعماق بحر المكلا
لم تسلم البيئة البحرية، ولا حياة الصيادين والغواصين من شرور وأحقاد التنظيمات الإرهابية، فقد زرعوا ألغامًا بجوار أجزاء الباخرة (بقيق) المعروفة والغارقة بالقرب من شواطئ مدينة المكلا، منذ عشرات السنين، واستشعارًا بالمسؤولية أبلغ غواصو مدينة المكلا قوات النخبة الحضرمية، مشاهدتهم تلك الأجسام، في قاع البحر، وبعد تلقي قوات النخبة البلاغ، انتشرت في أول شهر أكتوبر من عام 2016م قوة من خفر السواحل، وفريق من الشعبة الهندسية لمكافحة الألغام بالمنطقة العسكرية الثانية، وبمشاركة فاعلة من غواصي مدينة المكلا، تمكنت القوات من فك وإبطال خطورة تلك المتفجرات، التي قدروا وزنها بأكثر من نص طن، في عدد خمس اسطوانات.
تمشيط وكشف وإبطال متفجرات في مبانٍ بمدينة المكلا
وضمن عمليات التمشيط، التي تقوم بها الشعبة الهندسية، في قوات النخبة الحضرمية، لتفكيك الألغام والسيارات المفخخة وغيرها من الأجسام، أبطلت القوة ما يعادل حمولة 4 شاحنات كبيرة، من الذخائر المتنوعة، في مبنى سنترال الاتصالات، في فوّة، حي المساكن، والذي اتخذته عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي معملًا لتصنيع العبوات الناسفة، والمفخخات، أثناء تواجده في مدينة المكلا، كما عثرت الفرق الهندسية في المبنى على العديد من قذائف وحشوات مدفعية دال 30 مم، وعدد من ذخائر الكاتيوشا، وذخائر الهاون 120 مم، و82 مم، وفيوزات هاون، وكذلك عدد من ذخائر الـ B10، وكشفت كميات هائلة من مادة (TNT) شديدة الانفجار.
وضمن جهود الشعبة الهندسية، لكشف المتفجرات، وإبطالها، اكتشفت الفرق المختصة معملين للعبوات والأحزمة الناسفة والمفخخات، كما عثرت على مستودع، في بيت مواطن مغترب، استأجره عنصر من الخلايا النائمة في التنظيم الإرهابي، وأسكن فيه أسرته، يحوي كمية كبيرة من المواد المتفجرة، في كراتين، مكتوب عليها عنوان الإرسال من صنعاء إلى المكلا.
يدٌ تحمي ويدٌ تبني
مساهمة الشعبة في المشاريع المدنية:
لم تقتصر أعمال الشعبة الهندسية العسكرية على العمل العسكري فقط، بل كان لها وجودٌ وبصماتٌ في مشاريع للبنية التحتية في حضرموت، فقد قامت الفرق الهندسية بشق الطرق، وتفجير ما تعترض مشاريع الطرقات من جبال، ومساهمتهم في طريق المعدي، وعقبة عجزر كمثال.
مواجهة الموت المتخفي
يقول الجندي فرق نزع الألغام علي بن شيخان لـ "درع الجنوب": عندنا مقولة شهيرة، "لا مجال لحدوث الخطأ مرتين؛ لأن الخطأ الأول هو الأخير".. ويضيف بن شيخان أن فرقهم اكتشفت الكثير من العبوات الناسفة، التي زرعها عناصر التنظيم، بهدف إعاقة قوات النخبة من التقدم وتأمين المديريات، ولأجل إلحاق أكبر قدر من الضرر، وهذه العبوات لا تفرق بين عسكريين ومدنيين.
ويشير بن شيخان إلى أن المعدات المستخدمة في البحث عن المتفجرات ثقيلة، وتتطلب جهد جسدي، وهي دقيقة جدًا، وتحتاج إلى صبر كبير، وقوة تركيز للعمل عليها، ولكن مع ذلك يخاطر جنود الفرق الهندسية بأرواحهم، في هذا المجال، لأجل تعطيل العبوات الناسفة، المدفونة تحت الأرض، والمتخفية في أجسام مشبوهة، والتي يمكن أن تنفجر بأدنى لمسة، وما يخفف علينا تلك المخاطر هو الشعور بالانتماء وخدمة هذه الأرض وأهلها.
ويوضح الجندي بن شيخان أن التنظيمات الإرهابية تستخدم ثلاث طرق، لتفجير العبوات الناسفة، الأولى من خلال جهاز توقيت والثانية عبر مد أسلاك أو لاسلكيا باستخدام الهاتف, والطريقة الثالثة بواسطة الضحايا أنفسهم عندما يدوسون عليها يتعرض اللغم إلى احتكاكهم أو الدوس عليه.
إشادات محلية وخارجية
كل ذلك جعل الحكومة والتحالف العربي والمنظمات الدولية يشيدون بجهود الشعبة الهندسية العسكرية في قوات النخبة الحضرمية، ويقدرون جهود وتضحيات قيادتها وجنودها، ويثنون على الأمن الذي يعيشه حضرموت الساحل بفضل الله ثم بفضل هؤلاء الأبطال، وبدورنا نترحم على الشهداء الذين ارتقوا إلى ربهم، وهم يؤدون عملهم لحماية البلاد والعباد، فلهم الرحمة والمغفرة والدرجات العالية، وللجرحى السلامة والعافية والشفاء التام.