يحتفل الجنوبيون في الحادي عشر من فبراير من كل عام بذكرى الشهيد الجنوبي، تخليدًا وعرفانًا للشهداء الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية الجنوب خفاقة وعالية وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم داخل الوطن الجنوبي. ويتجدد العهد اليوم في الذكرى الـ (56) بالوفاء لتضحيات من سطروا بطولات ملحمية لافتة، فترجّل الكثير منهم شهداء بمختلف الجبهات وأمام خصوم وأعداء كثر أرادوا كسر شوكة الجنوب.
تضحيات وبطولات
ويستذكر الجنوبيون بفخر وامتنان تضحيات وبطولات شهدائهم الأبرار، فتلك التضحيات والبطولات خلد بها شهداء الوطن اسم بلادهم بأحرف من نور في التاريخ.
يقول أسامة بن بريك رئيس دائرة الشهداء والجرحى في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن الشهيد الجنوبي ضحى من أجل الوطن ليبقى الوطن عاليا شامخا منتصرا، يكمل: "منذ الاستعمار البريطاني إلى يومنا هذا سقط عدد كبير من شهداء الجنوب في جبهات القتال من أجل تحقيق الاستقلال وعودة الجنوب"، لافتا إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يولي اهتماما كبيرا بأسر الشهداء والجرحى، كما تبذل دائرة الشهداء والجرحى في الأمانة العامة بكل طاقمها جهودا كبيرة من أجل خدمة أسر الشهداء الذين ضحوا في سبيل وطنهم الجنوب.
بدورها قالت ياسمين أحمد مساعد نائب رئيس دائرة المرأة والطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن ما بعد حرب ٢٠١٥م لم تقدم الحكومة أي رعاية واهتمام بالشهداء وتركت أسرهم تعاني من نتائج الحرب المدمرة نتيجة لسياسة الظلم المتخذة ضد الجنوب، لكن اليوم الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، حاول قدر المستطاع أن يولي اهتماما كبيرا بهم سواء في رعاية أسرهم وتقديم الدعم المادي لهم، أو تحمل نفقات علاج الجرحى في الخارج والداخل.
ذكرى عظيمة
وتعد ذكرى يوم الشهيد الجنوبي الـ (٥٦) والتي تصادف ١١ فبراير من كل عام، الذكرى الأعظم على الإطلاق بالنسبة لأبناء الجنوب كافة، وفاءً للشهداء، وانتصارًا لتضحياتهم وإرادتهم ودمائهم التي امتزجت بتراب الوطن، مؤكدين أنهم ماضون في درب الشهداء، حتى تحقيق الحرية ونيل الاستقلال.
وأعلن الجنوبيون تجديد إحياء هذه المناسبة، منذ ما بعد الاستقلال الوطني الأول في عام ١٩٦٧م، ليكون هذا التاريخ يومًا للشهيد، وتخليدًا لذكرى الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الجنوب في مختلف المراحل التي ناضل فيها شعب الجنوب ضد المستعمر والاحتلال.
ووجهت مريم العفيف، نائب رئيس دائرة البحوث والدراسات و أكاديمية في جامعة عدن، رسالة لكل القيادات والجهات المعنية للالتفاتة الفاعلة والحقيقية لأسر الشهداء الذين عانوا الأمرّين بعد استشهاد ذويهم في سبيل الوطن.
من جانبها، قالت الناشطة السياسة ضياء الهاشمي: "بقدر ما ذكرى الشهيد حزينة إلا أنها تُحيي فينا حب الوطن والتضحية من أجله. وما زال الشهداء يسقطون منذ اغتيال الكادر الجنوبي بعد الوحدة المشؤومة عام ١٩٩٠م، مرورا بشهداء الحراك السلمي الجنوبي وشهداء ٢٠١٥م وحتى اليوم"، مؤكدة أن الحق سينتزع والجنوب سيعود.
على درب الشهيد
ويتفق كافة أبناء الجنوب على أهمية السير على درب الشهداء من خلال تجديد العهد للشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الوطن الجنوبي، وتأكيدًا من شعب الجنوب على أنهم لن يحيدوا عن هذا الطريق، وأنهم ماضون على درب الحرية والاستقلال، حيث ما زال الجنوب يقدم قوافل من الشهداء كتعبير بليغ عن أن تضحيات الشهداء لن تذهب هدرا.
واعتبر د. عبد الحكيم العراشي عضو مركز دعم صناعة القرار و دكتور علم الاجتماع، أن عدم السير على النهج الذي سار عليه الشهداء تخاذل من الجميع للشهيد الذي روى بدمائه تربة الجنوب الطاهرة.
وجدد الإعلامي يزيد الربيعي وفائه لآلاف الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل استعادة كرامة الوطن ورايته، وقال الربيعي: "لابد أن نحافظ على رسالة الشهداء أمثال الشهيد جعفر محمد والشهيد أبو اليمامة والشهيد نبيل القعيطي والشهيد خالد عسكر، الذين قدموا أرواحهم رخيصة لهذا الوطن، بأن نستمر على خطى ثابته من أجل نيل الحرية والاستقلال".
الجنوب اليوم
لم تذهب تضحيات شهداء الجنوب سدى بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن والعمل دائما لرفعة الوطن الجنوبي في مختلف الميادين، حيث تأتي الذكرى اليوم في وقت يمضي فيه الجنوب قدما على أكثر من صعيد، بشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيته الحكيمة، وانتصاراته العسكرية العظيمة، نحو استعادة دولته الجنوبية كاملة السيادة.
ويعد دور القوات المسلحة الجنوبية فيما وصل إليه الجنوب اليوم من الأمثلة الحية على التضحيات العظيمة لشهداء الجنوب، فقد سطر الجنود الجنوبيون ملاحم بطولية دفاعًا عن الجنوب، وأرضه، وشعبه، وقضيته، وأمنه واستقراره.
أخيرًا..
لا يزال الشعب الجنوبي يقدم اليوم قوافل من الشهداء، في الوقت الذي وصل فيه الجنوب إلى مرحلة مفصلية وتاريخية من مسيرة نضاله الوطنية، وما كان لتلك المرحلة أن تأتي اليوم لولا التضحيات العظيمة التي قدمها شهداء الجنوب في سبيل ثورتهم الجنوبية لاستعادة الدولة كاملة السيادة على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م.