سقطرى.. خمس سنوات على درب التحرير والتنمية

كتب / يحيى أحمد عبدالله

 

تُعد جزيرة سقطرى واحدة من أعظم عجائب الطبيعة، وأيقونة متفردة على خارطة الجمال الكوني، فهي جزيرة البخور واللبان، ومهد شجرة دم الأخوين النادرة، وموطن ورد الصحراء، ومتحف حي يزخر بالنباتات والطيور والكائنات الفريدة التي لا نظير لها في أي بقعة أخرى من العالم. هي أسطورة جغرافية وروائية، ومهد حكايات ترويها الأرض عن دهشة الكون وروعة الخلق.

تقع سقطرى في قلب المحيط الهندي وتُعد كبرى الجزر الجنوبية، بل من أكبر الجزر العربية مساحة، إذ تبلغ مساحتها نحو 3,594 كيلومتر مربع، ويصل طولها إلى 135 كيلومترًا، فيما يبلغ أقصى عرض لها 42 كيلومترًا، وتضم الأرخبيل عددًا من الجزر الصغيرة، من أبرزها: عبد الكوري، سمحة، درسة، كراعيل فرعون، وصيال.

في مثل هذا اليوم، 19 يونيو 2020، أحيا الجنوبيون لحظة مفصلية في تاريخ الجزيرة، حين تمكنت القوات المسلحة الجنوبية من تحرير سقطرى من سيطرة الاحتلال اليمني، ممثلًا بجماعة الإخوان المسلمين، بعد أكثر من ربع قرن من التهميش والإقصاء الممنهج بحق أبناء الجزيرة، أرضًا وإنسانًا.

الذكرى الخامسة لتحرير سقطرى تأتي اليوم محمّلة بالمعاني السياسية والعسكرية، إذ شكّلت نقطة تحول رئيسية في إعادة تثبيت الهوية الجنوبية للجزيرة، وتجديد التأكيد على التوجه الاستراتيجي للقيادة الجنوبية، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، الذي أكد مرارًا أن "كل شبر من أرض الجنوب أمانة لا تُفرّط".

خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت سقطرى تحسنًا ملموسًا في الوضعين الأمني والخدمي، إذ أسهم الاستقرار الذي فرضته القوات الجنوبية في تمهيد الطريق أمام مشاريع تنموية، وعودة النشاط السياحي، واستقبال الزوار من مختلف أنحاء العالم. واستُدل على ذلك بعودة مظاهر الحياة وتدفق الاستثمارات والمبادرات المجتمعية، بعد عقود من التهميش المتعمد.

كما تعكس هذه الذكرى النجاح الاستراتيجي للمجلس الانتقالي الجنوبي في ترسيخ حضوره على الأرض، ضمن مشروعه الوطني لاستعادة الدولة الجنوبية، وترسيخ مؤسساتها وبسط نفوذها على مختلف المحافظات الجنوبية.

ولا تغيب في هذه المناسبة إشادة الجنوبيين بالدور المحوري لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي قدّمت دعمًا إنسانيًا وتنمويًا متواصلًا في سقطرى، تجلّى في مشاريع نوعية شملت البنية التحتية والخدمات العامة. وقد وصفت قيادات جنوبية هذا الدور بأنه "بصمة إنسانية واضحة"، ليس فقط في سقطرى، بل في مختلف محافظات الجنوب.

وهكذا، تمضي سقطرى في عامها الخامس على درب التحرير والتنمية، بين ماضٍ من التهميش، وحاضر ينهض من تحت الركام، ومستقبل تصنعه الإرادة الجنوبية ومشروع الدولة المنشودة.