ثمانية اعوام من التطور في قدرات الصمود وجدارة إجتراح الإنتصارات
بعد مرور ثمان سنوات من الحرب و القتال الشرس على مختلف المحاور والجبهات، لا تزال القوات المسلحة الجنوبية تقدّم النموذج الفريد في صلابة الموقف، وقدرتها على الصمود، والمواجهة واجتراج النصر ، هذه الجدارة قلما توافرت لدى جيش آخر يماثلها من حيث الإمكانيات وحداثة النشأة.
بالطبع ، لا يمكن لأي قوات مسلحة أن تنجح في الصمود وتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات ، في حرب إرهابية كونية متعددة الجبهات - قاعدة ، داعش ، حوثي ، اخوان - من دون أن يكون لديها جاهزية قتالية وبنية متماسكة وقيادة واعية محنكة ورائدة سباقة في المواجهة وقدوة في التضحية والفداء… وهي أمور من الصعب أن تتوافر فجأة في لحظة المواجهة والحرب، كونها تحتاج إلى سابق إعداد وعملية بناء متواصلة متعدّدة الجوانب، والجانب المتعلق بالجاهزية والاستعداد للقتال واحد منها.
هنالك عوامل عدة مكنت قواتنا المسلحة الجنوبية من الإطلاع بدورها رغم حداثة نشأتها وفي اعقد الظروف والمنعطفات التاريخية التي مر بها وطننا الجنوب والمنطقة ، وفي هذا السياق يمكن تسجيل عوامل عدة على مستوى طبيعة القيادة والمشروع الذي تحمله والميادين التي جاءت منها وفيها تدربت وتمرست على إعلائه ورفع ثوابته واهدافه فوق النفس والذات ، وكذا مستوى العقيدة الوطنية والقتالية والنضوج الثوري الجماهيري في وحدة الصف والفكر الحربي وأخيراً الجاهزية والاستعداد للقتال وصولاً إلى التضحية والاستشهاد دفاعاً عن الجنوب ، كما يعد دعم الاشقاء في التحالف العربي لقواتنا في مواجهة المليشيات الحوثية وفي الحرب على الإرهاب عاملاً محورياً ، إذ كان السند والممول الرئيس لمتطلبات الحرب وضمانة اكيدة لكسبها.
هذه العوامل المذكورة آنفاً تفسر الجانب الاهم من سر صمود قواتنا وقدرتها واقتدارها ونجاحها في إلحاق الهزيمة بمليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية، وما كان لهذه العوامل لتتوافر في قوة عسكرية حديثة من حيث النشأة، لولا الاستراتيجية التي اعتمدها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي منذ التأسيس الاول للمقاومة الجنوبية وما تلاها من خطوات بناء وبدعم من دول التحالف العربي ، وإستخلاصاً مما سبق فإن معادلة القوة التي تتميز بها قواتنا المسلحة الجنوبية تقوم على اربعة اركان ، هدف مقدس ، قائد محنك ، إلتفاف شعبي ، انظباط قوي وعقيدة وطنية و قتالية اقوى تحمل على الاقبال لخوض معارك التحرير والاستبسال في تحقيق النصر المؤزر.
وبناءً على ما سبق ، إننا اليوم ، نقف على اعتاب الذكرى الثامنة من الحرب التي شنت على الجنوب والمعطيات على الارض ، تؤكد مجدداً حقائق تاريخية نفخر بها واجيالنا ، ولعل ابرزها ان قواتنا غيرت قواعد المواجهة ومعادلة الحرب منذ العام الاول بإمكانياتها البسيطة ، حيث اوجدت وفي غضون اشهر الحبل السري الذي استمدت منه ما سميت بالشرعية حياتها واعادتها من فرارها ، ووفرت موطئ قدم للقوات التحالف العربي مصدر الدعم والمدد لكل الجبهات ، وهيأت ظروفاً ومناخات تفاوضية أفضل حتى للاطراف اليمنية المحسوبة إفتراضاً في الجبهة المناهضة لمليشيات الحوثي .
ويمكن القول ايضا إن قواتنا المسلحة الجنوبية قد شكلت فيما انجزته على الارض، أرضية صلبة ومساحة للحلفاء في سياق المواجهة والصراع العربي الإيراني وحالت دون ان تضع طهران قدمها على الواجهة الجنوبية للجزيرة العربية وفي واحدة من اهم واخطر المناطق والمضايق والممرات الدولية في خليج عدن وبحر العرب والبحر الاحمر وباب المندب ، بل لولا الانجازات والانتصارات التي حققتها قواتنا الجنوبية وصولاً الى تحرير كامل الجنوب من المليشيات الحوثية ، ما وجدت ايران نفسها بحاجة الى التفاوض مع دول التحالف العربي ، ولا وجدت الحكومة الشرعية ثقلاً معتبراً في الميزان الدولي ، يعطيها مساحة على طاولة المباحثات والمفاوضات مع الحوثي في إطار الجهود والمساعي الاقليمية والدولية لإحلال السلام الذي لن يكتب له النجاح إلا بشروطه الموضوعية وعلى رأسها ان يكون الجنوب ممثلا بمجلسه الانتقالي طرفا رئيسياً فيه وان ينطلق هذا السلام المرتجى من الإقرار بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره وإستعادة دولته الفيدرالية كاملة السيادة .
والاهم مما سبق ان صمود وثبات وانتصارات قواتنا المسلحة الجنوبية هي مبعث فخر وإعتزاز شعبنا وضمانة ثقته بالمستقبل ، بل ومصدر ثباته بشموخ على ارضه وهي الرافد الرئيس لكافة الانتصارات والانجازات الوطنية الجنوبية التي يقود نجاحاتها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، فتلك الانتصارات والانجازات قد تجاوزت في اهميتها البعد الوطني الجنوبي ، ودون شك سيعم اثرها ومكتسباتها لتشمل ماضي وحاضر ومستقبل شعبنا الجنوبي وامن واستقرار المنطقة العربية برمتها.