إنطلاقاً من موسكو .. الجنوب وحراك الحضور الدولي الفاعل
ركزت روسيا في اهتمامها خلال الاعوام الاولى من الحرب على الاطراف القوية والنشطة في الجنوب والشمال ، فهم وقتها انها في سياق عمل إستكشافي لإمكانية لعب دور سياسي ، وعلى العكس في الاعوام الاخيرة ، فقد اظهرت روسيا نشاطاً وتحركاً يتماشى مع دول التحالف العربي ، وهو موقفاً مغايراً الى حدٍ ما من مواقف الدول الغربية ، لكنها ركزت على اعادة ترميم خارطة نفوذها التاريخي في المنطقة وعلى الارجح ان ذلك سيكون خلال إحياء العلاقة الروسية السابقة مع الجنوب .
صحيح ان موسكو تحتفظ بمسافة اقتراب متساوية من اطراف الصراع الاقليمي "العربي الايراني" وهي المسافة نفسها بالنسبة لاطراف الصراع في اليمن ، غير انها تبدو وحتى الان اقرب الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي بالنسبة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وقربها هذا ليس غاية الدبلوماسية الجنوبية بقدر ما هو إنجاز إستثنائي سجلت فيه روسيا الاسبقية والافضلية، على إعتبار ان مضمار مارثون كسب المواقف الدولية لا سيما الدول ذات التأثير في صناعة القرار العالمي لا حدود له ويشمل الشرق والغرب.
موسكو وبمعية بكين ، وضعت إخفاقات وشطحات الاتحاد الاوربي زائد امريكا في المنطقة ، موضع الاستجابة لتطلعات المنطقة ثم باشرت قيادة حراك تغيرات دراماتيكية على مستوى الشرق الاوسط وفتحت ابوابها للإنفتاح العربي نحوها إنطلاقاً من المملكة العربية السعودية ، وفي شأن الجنوب الذي تتبع قيادته خطى العلاقة الاستراتيجية مع المملكة بوصفها قائدة التحالف العربي، فإن المواقف الغامضة او بالاحرى الخاملة من قبل دول الاتحاد الاوربي من قضية شعب الجنوب قد دفع القيادة الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي الى تحرك دبلوماسي جديد ،من المحتمل ان يشمل الشرق والغرب مع وضع البداية والتدشين من موسكو وبدعوة رسمية من حكومتها.
الاتحاد الاوربي ، ابدا تصريحات غير مدروسة اثارت حفيظة شعب الجنوب ، وتحديداً بيان الاتحاد الاخير بشأن مجلس القيادة الرئاسي، في الوقت الذي توالت فيه لقاءات السفير الروسي والقائم بأعماله مع الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الاعلى للقوات المسلحة الجنوبية، وطرح الموقف الروسي الايجابي من قضية شعب الجنوب، في كل تلك اللقاءات التي جرت في كل من العاصمة عدن وابو ظبي والرياض ، لم يدر المجلس الانتقالي ظهره للغرب او يتخذ موقف القطيعة ، بل عزز من حضوره الدبلوماسي في اوروبا وواشنطن ، فالقضية التي يحملها ويمثلها هي قضية شعب لا ملفاً سياسياً يمكن فرزه وتنميطه لصالح طرف من اطراف الصراع الدولي .
المجلس الانتقالي ممثلا بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي زار موسكو بدعوات رسمية مرتين خلال عامي 2019 و2021 وتلتها لقاءات عدة بين الرئيس الزبيدي والسفير الروسي و القائم بأعمال الروسي لدى اليمن في نوفمبر 2019 وفي ديسمبر 2021 م وتزامنت زيارة قيادة المجلس الانتقالي الاولى إلى روسيا مع وجود السفير الروسي فلاديمير دودشكين في العاصمة عدن لإعادة فتح القنصلية الروسية .
وفي مارس 2022 م إلتقى الرئيس الزبيدي سعادة تيمور زابيروف سفير روسيا الاتحادية لدى دولة الامارات العربية المتحدة وبحث اللقاء، الذي استعرض العلاقات التاريخية المتينة بين الجنوب وروسيا الاتحادية، مستجدات مختلف الأوضاع في بلادنا والمنطقة، بما في ذلك جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة بدعم من المجتمع الدولي ، كما وقف اللقاء
على مستجدات الأوضاع في المنطقة، وأهمية مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار، وتأمين المصالح الدولية، وخطوط الملاحة البحرية ومضيق باب المندب وخليج عدن
وإتفقا على تضافر الجهود لإيجاد حل سياسي عادل للأزمة في الجنوب واليمن، وإيقاف الحرب.
وفي اكتوبر 2022 م إلتقى الرئيس الزبيدي يفغيني كودروف القائم بأعمال سفير روسيا الاتحادية لدى اليمن، اللقاء إستعرض العلاقات المتينة بين الجنوب وروسيا الاتحادية، والدور المحوري الذي تضطلع به روسيا في دعم جهود إحلال السلام في المنطقة.
من خلال اعادة القراءة للقاءات التي جرت خلال العامين الماضيين بين الرئيس القائد عيدروس الزبيدي والسفراء الروس وما تم مناقشته ونشره في وسائل الاعلام الجنوبية والروسية ، تبرز العناوين العريضة للمباحثات التي سيجريها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي والوفد المرافق له مع مسؤولين في حكومة روسيا الاتحادية .