دور التأهيل المعرفي بالتاريخ العسكري وتجاربه في تعزيز قدرة الإحاطة بمقتضيات الحرب
الجانب العسكري في المقام الأول هو جانب بناء وإعداد وتدريب وتأهيل وانضباط ويرتكز على الأخذ والعطاء المستمر ولهذا ينبغي أن يستمر الحديث
وينظر إلى التدريب على أنه حجر الزاوية في القضايا المتعلقة بالموارد البشرية في القوات المسلحة الجنوبية الحديثة، حيث ثبت أن تحقيق مستوى تدريب أفضل يضاعف القدرة العسكرية.
جانب آخر من التأهيل والتدريب عادت كثير من الدول الأخذ به ، وهو المعرفي التاريخي، إذ ان شحذ ذهن القادة وتعزيز آليات التفكير في ممارسة أعمال قتال القوات، يكون بالإلمام بالتاريخ العسكري للدولة التي ينتمي إليها القائد او التاريخ العسكري للدول الأخرى ، وهذا ما عبر عنه المفكر والمؤرخ العسكري البروسي "كارل فون كلاوزفيتز" منذ قرابة مائتي عام، قائلا ً "دراسة التاريخ تهيئ قادة المستقبل.. أو بلفظ أكثر تحديداً توجههم فيما يخص تعلمهم الذاتي، وليس مرافقتهم إلى ساحة المعركة"
فمن خلال تطعيم المعرفة العسكرية بالدروس المستفادة من مجريات الحروب السابقة في إطار الدولة الواحدة وتجارب القادة التاريخيين تمنح القادة الجدد وقادة المستقبل تبصراً أكثر عمقاً واتساعاً في إطار من الرؤية الشاملة القادرة على اقتناص الفرص والحضور الذهني في المواقف الطارئة الناتجة عن التحولات الحادة في مجرى المعارك، وهذا لا يتحقق دون استلهام دروس التاريخ لبناء حصافة استراتيجية ، ولدينا في الجنوب تاريخ عسكري حافل بالتجارب المشرفة والقيمة ويمثل مدرسة عسكرية قتالية تربوية للفرد والقائد ، كما تاريخ المقاومة الجنوبية التي إنبثقت منها القوات المسلحة الجنوبية تعد في مسيرة بنائها بقيادة مؤسسها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي دروساً ومعارف في غاية الاهمية ، وذات أبعاد ملهمة في التقييم والمراجعة الذاتية ورفع المعنويات والإعلاء من شأن الانضباط وفي تعزيز وترسيخ معاني وقيم المبادئ والثوابت في السلوك وفي تحمل المسؤولية والتكيف مع الظروف القاسية.
فمادة التاريخ العسكري ومعارفه وتجاربه تحصن الإحاطة بمقتضيات الحرب، وهذا ما اشار إليه القائد العسكري الفنرسي نابليون بتوبرت بقوله " "مِن الممكن تعلم التكتيك وعمل المشاة والمدفعية من المذكرات والكتب، كما نتعلم الهندسة تقريباً.. إلا أن معرفة الأجزاء العليا من الحرب لا تكتسب إلا بالتجربة ودراسة تاريخ الحروب ومعارك كبار القادة وإعادة قراءة ملاحمهم.. تلك هي الوسيلة الناجحة لتصبح قائداً عظيماً".
فلدينا في الجنوب تاريخ جيش ادى دور المعلم القدوة لكافة شرائح المجتمع، في التفاني والإخلاص والتضحية والإثار وإحترام القانون وإنفاذه وترسيخ قيم المساواة و العدالة في الهيكل الوظيفي لمؤسساته وتحسين سمعة الدولة لدى عامة الشعب وإعطائها مكانة مهابة في النمظور الخارجي العالمي .
من جانب آخر ، هنالك إرتباط وثيق ، بين مفهوم الدولة المستقلة والمستقرة بقدرة جيشها على حماية ترابها الوطني وحفظ كرامة مواطنيها ، ومواجهة التحديات بإمكانيات مادية متقدمة وبشرية مدربة واعية مستوعبة تاريخها الوطني ومحطات ثورتها التحررية ، وعلى إدراك كامل بتاريخ وحاضر الاعداء، فبهكذا عنصر بشري تكون الدولة قد إمتلكت انجح اسلحة الدفاع والردع وهو محور إرتكاز معادلتها ، ومن هنا تكمن الحاجة والضرورة الموضوعية لتكثيف برامج وخطط التدريب والتأهيل بمختلف اشكاله وعلومه ومعارفه وفنونه في العام التدريبي الجديد 2023 م ، من خلال الخطط والبرامج التي تمثل ترجمة وبلورة عملية لتوجيهات وتعليمات الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي القائد الاعلى للقوات المسلحة الجنوبية، والذي يمثل برمزيته وتاريخه النضالي والمهني العسكري ، المثل الاعلى والقدوة النموذج للقادة والجنوب بشكل عام ، ويعكس في إهتمامه ورعايته لمنتسبي المؤسستين العسكرية زالأمنية الجنوبية مدى حرصه على الارتقاء بمستواهم عسكرياً ومعيشياً وتأهيلاً وتدريباً والوفاء لعطاءاتهم وتضحياتهم .