بدأت معركة قواتنا المسلحة الجنوبية ضد الإرهاب، من حيث إنتهت معركتها ضد المليشيات الحوثية الارهابية في العاصمة عدن والتي تكللت بطرد تلك المليشيات ودحرها وكسر شوكتها وإلحاق اكبر هزيمة بالمشروع الإيراني بدعم واسناد ومشاركة من قبل دول التحالف العربي .
نجاح تلك العمليات الأمنية وما تلاها من تدابير إستمرت وبإمكانيات محدودة حتى مطلع ٢٠١٦ لتطهير العاصمة عدن من العناصر الإرهابية والوصول الى اوكارها وتجفيف منابعها وخلايا الارهاب أينما وجدت ، تكررت ايضاً بوتائر متسارعة في بقية محافظات الجنوب، بدعم وإسناد غير محدود ولا ممنون من قبل الأشقاء الإماراتيين وبقية دول التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، الذين كانوا شركاء اوفياء ومخلصين لشعب الجنوب والقوات المسلحة الجنوبية في كل معاركها لتحرير وطننا الجنوب من المليشيات الحوثية ومن ثم تطهيره من فلول الجماعات الإرهابية.
بعد ذلك دشنت قواتنا المسلحة الجنوبية، معركة مفتوحة ضد الإرهاب وعناصره ، سواء خلاياه المتخفية ، او مطاردة العناصر التي لاذت بالفرار الى مناطق تسيطر عليها تشكيلات عسكرية اخوانية ، كما كرست تلك المرحلة وبمختلف اشكال وفنون معاركها لإستهداف حواضن وفقاسات الإرهاب.
المعارك والعمليات الأمنية العسكرية التي خاضتها وتخوضها القوات المسلحة الجنوبية في إطار الحرب على الإرهاب ، والتي كان آخرها عملية سهام الجنوب في محافظة شبوة و سهام الشرق بمحافظة ابين وقبلها عملية الفيصل في حضرموت الساحل ، تأتي في السياق العام والمتواصل للحرب على الجماعات والعناصر الإرهابية التي اعيد تجميع وتنظيم فلولها وتسليحها في اكبر عملية اعادة البناء للجماعات والتنظيمات الارهابية، حيث جرى تأطيرها تحت عباءات ومظلات وشعارات الاخوان وداخل تشكيلاتهم ومعسكراتهم أو ما يسمى بالجيش الوطني الموالي لجماعة الاخوان كالمنطقة العسكرية الاولى على وجه الخصوص .
*ضربة وادي المسيني الى ضربة وادي عومران*
الـ18 من فبراير 2018م ؛ أعلنت قيادة قوات النخبة الحضرمية تطهير وادي المسيني غرب مدينة المكلا من قبضة التنظيم الإرهابي بعد معارك ضارية وفي عملية عسكرية نوعية سميت بعملية الفيصل ونفذت بدعم وإسناد جوي من القوات المسلحة الاماراتية ، و تعد ثاني عملية عسكرية بعد عملية تحرير مدينة المكلا ومناطق ساحل حضرموت بعد عام من سيطرة التنظيم الإرهابي عليها، وكان وادي المسيني يعتبر من أهم معاقل تنظيم القاعدة في حضرموت.
بنجاح تلك العملية عكست قوات النخبة الحضرمية قدرات فائقة في الحرب على الارهاب واثبتت بما لا يدع مجالاً للشك انها صمام امان حضرموت كلها وحضيت بمكانة رفيعة في الوسط الاجتماعي ساحلاً ووادي وصحراء ، وعلى مستوى الجنوب بشكل عام ، غير ان هذه المكانة والقدرة والكفاءة المهنية والانتصارات على الارهاب ، اثارت مخاوف وقلق عصابات الارهاب والجريمة المنظمة وكل من وجد فيها سداً منيعاً امام مشاريعه الارهابية الخبيثة وخطراً حقيقيا على وجوده المرفوض شعبياً في حضرموت الوادي ، لا سيما وان ابناء حضرموت وفي هبتهم الشعبية التي بلغت ذروتها في التصعيد المطالب بخروج المنطقة العسكرية الاولى الموالية لجماعة الاخوان من وادي وصحراء حضرموت تهدف أيضا الى جعل الشأن العسكري والامني على كامل خارطة حضرموت حضرمياً متمثلاً بقوات النخبة .
وطبقاً لمعطيات الواقع الأمني في ودادي وصحراء وهضبة حضرموت الذي جرى تلغيمه بالعناصر الارهابية منذو عقود كسياسة فرض امر واقع اتخذتها قوى صنعاء وعلى راسها جماعة الاخوان عبر ما تسمى بالمنطقة العسكرية الاولى، يرشح وللضرورة الامنية عملية عسكرية اوسع في وداي حضرموت الذي تحول كما اشرنا الى مسرح ومأوى آمن للعناصر الارهابية ، إذ لا يمكن الفصل بين أمن الوادي والساحل ، ومن ناحية اخرى لا يمكن النظر الى اهمية الحرب على الارهاب في الجنوب والحد من خطره ومهدداته وأثر الجماعات والتنظيمات الإرهابية على مستوى المنطقة والعالم بمعزل عن الارهاب المقيم وبصورة دائمة في خارطة إنتشار المنطقة العسكرية الاولى ومعسكراتها.
*إهتمام ومتابعة دولي وإقليمي*
حضيت الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في مجال مكافحة الإرهاب ، بإهتمام دولي وإقليمي ، كانت ومازالت ، تلك الانجازات مادة بحثية واعلامية في مراكز البحوث والصحافة المتخصصة ، مؤخراً نشر المركز الأمريكي للدراسات ومقره واشنطن تقريراً ميدانياً سلط فيه الضوء على دور القوات الجنوبية في الحرب على الإرهاب، واصفاً دورها بـ ” المحوري”.
وبحسب التقرير "فقد لعبت القوات الجنوبية التي تقاتل من اجل استقلال الجنوب دورًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب ،فقد نشطت القوات الجنوبية في عدن وحولها وفي جميع أنحاء الجنوب ، موجهة ضربات قاتلة للتنظميات الإرهابية كداعش والقاعدة وانصار الشريعة، ولا سيما في محافظات لحج وعدن وأبين ، وكذلك شبوة الغنية بالنفط وحضرموت"
وأضاف التقرير: بعد الانتصار الذي حققته القوات الجنوبية والمتمثل بطرد عناصر تنظيم القاعدة من لحج في أغسطس 2016 ، قامت قوات الحزام الأمني بعد ذلك بطرد مسلحي التنظيم من مدينة زنجبار عاصمة أبين، واستطرد التقرير الانتصارات التي حققتها قوات النخبة الشبوانية عام 2018 وما انجزته قوات دفاع شبوة مؤخراً في عملية سهام الجنوب وكذلك الانتصارات التي احرزتها القوات المسلحة الجنوبية في عملية سهام الجنوب بمحافظة ابين
النجاحات التي حققتها عملية سهام الشرق, وسهام الجنوب وما افرزته من معطيات ونتائج سياسية واجتماعية ووطنية وعسكرية مثمرة ومتميزة , تشكل رافد ومصدر قوة جديدة لاستمرار معركتها ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية دون هوادة حتى تستكمل تطهير كامل تراب الجنوب وبالذات وادي حضرموت والمهرة اللتان تعتبران بكل المعايير القلاع الحصينة لحزب الاصلاح الاخواني والوكر الاكبر للجماعات الإرهابية التي ما برحت تنشط تحت مسمى المنطقة العسكرية الاولى التي تمثل معملاً إخوانياً وسوراً ومأوى لحماية وتمويل وتسليح وإنفاق على العناصر الارهابية.
*الحرب على الإرهاب مكلفة لكنها مصيرية*
المعركة مع الإرهاب لم تنتهي ولم تحسم كلياً بعد ،رغم الخسائر والدمار الهائل الذي لحق بهذه الجماعات الإرهابية في قوامها القيادي والبشري وفي بنيتها العسكرية والمادية والتنظيمية واضعافها الى حد كبير.. وفي مثل هذه الظروف والاوضاع الاستثنائية التي يمر بها البلد , نجحت القوات المسلحة الجنوبية من انزال أكبر الخسائر والهزائم بالتنظيمات الارهابية خلال تاريخ تصديرها الى الجنوب ..الا انه ومن بديهية القول ان الحرب على الارهاب قد تكون طويله ومكلفة ، ليس في الجنوب فحسب ولكن في بلد يواجه هذه الآفة .
وبالتالي ليس من المنطق الاعتقاد بالقضاء والحسم السريع على الارهاب ومصادره في ظل هذه الاوضاع وفي ظل وجود أنظمة وتيارات وقوى سياسية وحزبية يمنية - اخوانية حوثية - ومراكز نافذه معادية للقضية الجنوبية وللشعب الجنوبي، تلك التي تحرص على إعادة إحياء الجماعات الإرهابية بمسمياتها المختلفه ودعمها وتمويلها واعادة انتاجها واستخدامها كأدوات معاصرة للاستمرار في تدمير وطننا الجنوب ومقومات استقراره وأمنة وخدماته ونهوضه التنموي وفيه سيلق حلم العودة الى احتلال الجنوب مرة أخرى، وهو المستحيل مما يمكرون .
في الحلقة القادمة سنناقش الحقائق والمعطيات الرئيسية و اهمية المعركة التي تخوضها القوات المسلحة الجنوبية وآثار وابعاد إنجازاتها التي تجاوزت الضرورة و البعد الوطني الى ما هو اقليمي ودولي .